صفحة 1 من 1

الجباية فى الإسلام

مرسل: الثلاثاء يوليو 01, 2025 6:48
بواسطة رضا البطاوى
الجباية فى الإسلام
ارتطبت كلمة الجباية عند البشرية بمعنى مكروه من البشرية وهى قيام الحكام وحتى شيوخ المنصر أو الفتوات بجمع المال منهم دون إرادتهم تحت اسم الجباية
ومن ثم صار اسم الجابى أو العشار أو صاحب المكس أو المكوس أو الضريبى اسم مكروه وهو من يعمل به
حتى أن الروايات والحكايات هنا وهناك أصبحت تحرم الجابى وتمنعه من دخول الجنة ومن ثم قرأنا أو سمعنا روايات مثل :
لا يدخل الجنة عشار
لا يدخل الجنة صاحب مكس
"ممن يأخذ ملوك الأرض الجباية أو الجزية، أمن بنيهم أم من الأجانب"؟ سفر متى( 17: 24-25).
الغريب أنه رغم تلك الأحاديث والأمثال فى الجباية إلا أن الفقهاء أبوا إلا أن يشوهوا دين الله باطلاق لفظ الجباية على جمع متاع وأموال حللها الله
وقد تحدثوا فى كتبهم عن مسائل مختلفة فى الجباية منها:
حكم الجباية:
أوجب الفقهاء الجباية لبيت المال ومن كلامهم قول الماوردى:
والذي يلزمه (أي الإمام) من الأمور عشرة أشياء. . .. جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا واجتهادا من غير عسف"
اللفظ القرـى لم يطلق على جمع الأموال لفظالجباية وإنما سماها أخذ كما فى قوله تعالى:
" حخذ من أموالهم صدقة "
والقبول كما فى قوله تعالى :
" وما منعهم أن تقبل نفقاتهم "
والعمل علي المال أخذا وعطاء وليسي اخذا فقط كما فى قوله تعالى :
" والعاملين عليها "
فمن يجمع المال والمتاع يوزعه على مستحقيه الذين سماهم الله
وأما الجباية وهى الضرائب والمكس والعشور .. إلخ فالمعروف عند الناس أنها تأخذ منهم ولا تعاد لهم وإنما فى الغالب يستأثر أولى ألمر بها لأنفسهم والقليل يوزع على الناس أن تقدم خدمات بها
جباية الزكاة:
سمى الفقهاء جمع الزكاة وتوزيعها على مصارفها الثمانية جباية وجعلوها واجب وهو تسمية للشىء بم ام يسمه الله به فالله لم يسم ذلك جباية وإنما عمل على الصدقات أو على الزكاة فى المعنى المعروف بين الناس
شروط الجابي:
اشترط الفقهاء فى الجابى وهو جامع المال وموزعه حسب آيات الوحى شروطا متعددة هى :
أ – الإسلام:
والغريب فى كتب التراث أن معظم الجباة ورؤساء مؤسسات المال كانوا يهودا ونصارى وليسوا مسلمين ولا ندرى أين كان الفقهاء فى تلك الأيام وحتى الآن ما زال معظم وزراء المالية فى بلاد المنطقة من النصارى واليهود وهو أمر مقصود من الحكام حتى يجدوا من يعينهم على جمع أموال الناس بالباطل وسرقتها مع اقتسامها بنسب فيما بينهم
ب - أن يكون مكلفا والمراد بالغا عاقلا
ج – الكفاية وهى الأهلية للعمل والكفاءة فيه
د-العلم بأحكام ما يجبى من زكاة وغيرها
هـ - العدالة والأمانة
و- كونه من غير آل البيت والمراد :
أن ألا يكون من بيت النبى (ص) وهو كلام باطل لا دليل عليه لأن رئيس العمال كان النبى(ص) بدليل أنه كان يأخذ الصدقات كما قال تعالى :
" خذ من أموالهم صدقة تزكيهم وتطهرهم بها "
والآية تناقضها أحاديث مثل :
أن الفضل بن العباس، والمطلب بن ربيعة سألا النبي صلى الله عليه وسلم العمالة على الصدقات فقال: إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد
أجر الجابى مقابل عمله:
أوجب الفقهاء للجابى أجر مقابل عمله واختلفوا فى كم الأجر الذى يعطاه كما اختلفوا فى مصدر الأجر هل من الزكاة أم من غيرها
والحق أن جامع الزكاة يعطى منها لقوله تعالى :
" والعاملين عليها "
وجامع الفىء والغنائم أو غيرها يعطى منها
ولا يوجد شىء اسمه :
عمل من غير أجر وهو ما يسمونه :
السخرة
لأن الله حرم أكل أموال الناس بالباطل والسخرة أكل لأجر العامل وقدحرمها الله بقوله فى كل صور نقص حق الناس :
" ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "
جباية الفيء:
يطلق الفقهاء اسم الفىء على أمور متعددة هى :
الفىء والجزية والخراج والعشور وهى تسميات فى عير محلها فجمع الفىء لا يسمى جباية والجزية والخراج والعشور ليست من الفىء فى شىء لأن الفىء عرفه الله بأن المال المأخوذ من المحاربين الكفار الهاربين من الميدان أومن بلادهم تاركين خلفهم كالمتاع والنقود فهو نتاج الخوف وليس نتاج الحرب بالقتال او الذهاب لحربهم وفى هذا قال تعالى "
" وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"
جباية الجزية:
الجزية عند الفقهاء مال يؤخذ من الكافر في كل عام مقابل إقامته في ديار الإسلام ولم يسم الله جمع الجزية جباية وإنما سماه عطاء عن يد والمراد دفع للمال عن غنى فالجزية ليس مقابل لسكن الكفار فى بلاد المسلمين وإنما بديل الزكاة التى توزع على المسلمين فهى مال يدفعه أغنياء أهل الذمة لينفق منه على مصالح بقية أهل الذمة من المحتاجين والمساكين والعجزة والمجانين وسواهم ولذا قال تعالى :
"حتى يعطوا الجزية عند يد وهم صاغرون "
جباية الخراج:
الخراج هو ما وضع على رقاب الأرض من حقوق تؤدى عنها لبيت المال وهو ما يعبر عنه بضريبة الأرض وهو كلام ليس له أساس فى الإسلام الحق فكل الناس مسلمين وكفار يعملون فى أرض المسلمين وهى أرض الدولة ويقتسمون ثمارها وهى أرباحها بالعدل سواء كان بزراعتها أو صناعتها أو استخراج معادنها... كما قال تعالى :
" وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين "
جباية عشور أهل الذمة:
عرفها الفقهاء فقالوا :
"العشر ضريبة من أهل الذمة عن أموالهم التي يترددون بها متاجرين إلى دار الحرب، أو يدخلون بها من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو ينتقلون بها من بلد في دار الإسلام إلى بلد آخر، تؤخذ منهم في السنة مرة ما لم يخرجوا من دار الإسلام ثم يعودوا إليها مثلها عشور أهل الحرب من التجار كذلك إذا دخلوا بتجارتهم إلينا مستأمنين ."
لا وجود للعشور فى الإسلام وهى حاليا ما يسمونها الجمركة وهى لا تفرض إلا كعقوبة على الكفار مقابل ما يفرضوه على المسلمين فى بلادهم فهى رد للعدوان بمثله كما قال تعالى :
" وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به "
فاى دولة تفرض مالا على تجارة المسلمين يفرض على تجارتها مثله ومن لا تفرض شىء لا يفرض على أهلها شىء
محاسبة الإمام للجباة:
قطعا أى موظف فى بلاد المسلمين لابد من حسابه على أخطائه ونجد الفقهاء يستشهدون على ذلك بروايات مثل :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأسد على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل ذلك من ابن اللتبية حين قدم بعد أن استعمله على الصدقة وقال: هذا لكم وهذا لي أهدي لي، بل قام على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت مرتين"
وهى أحاديث لم تقع فالنبى (ص) حسب الروايات لم يحاسب الرجل وإنما أوكل أمر نفسه إليه مخوفا إياه بالعقاب الأخروى وهو عقاب ليس فى القرآن فالكافر والمسلم يأتيان يوم القيامة ليس معهما شىء كما قال :
"وكلهم آتيه يوم القيامة فردا "
والنبى(ص) كان يحاسب فيبعث إلى أهل المكان ليعلم ما أخذ منهم فإن خرج شىء زائد مع الجامع أخذ الزائد منه وقطعت يداه للسرقة